العبادة المِثاليَّة

يجب أن تكون العبادة الراقية هدفًا أسمى يسعى إلى تحقيقه جميع روَّاد الكنائس والرعاة والقادة. يتحدث الرسول بولس عن العبادة في جميع رسائله، لكن ما هي العبادة؟ لم نشهد مرة في الماضي هذا الكم من الإنحرافات في الكنائس التي تؤمن بالكتاب المقدس فيما يتعلق بالعبادة.

الأنواع الخاطئة

أولا، هناك نوع من العبادة هدفها مُتعة العابدين، في حين أن سرور الله يجب أن يوضع في المقام الأول.

ثانيا، هناك نوع من العبادة ذات أسلوب دُنيوي، الذي يأخذ ويتكيّف مع أذواق العالم  في إيقاعاته الموسيقيَّة، وفي آلاته، وفي عروضه الترفيهية، في حين أن الرب يقول إن كل من هو صديقًا للعالم هو عدوًا لله.

ثالثا، هناك نوع من العبادة بعيدة عن الرسميات، بحيث تكون عفوية، مُسترخية، وغالبا مُضحكة. بعض هؤلاء الذين يقودون عبادات مليئة بالتفاهات حولوا الكنائس إلى غُرَف للجلوس، في حين أن الله يطلب أن نُبدي وقارًا، ونظامًا، وتبجيلًا، وتعظيمًا، وتمجيدًا في معبده.

رابعا، هناك نوع من العبادة ذات طابع جمالي، بحيث يُقَدَّم فيها تصورًا خاطئًا بأن كل أشكال التعبير الجمالي، أكان روحي أم لا، كالرقص والأداء الصوتي الجميل هي تعبيرات صالحة للعبادة. بهذا الشكل يُعبد الله في حين يقول الرب يسوع المسيح “اَللَّهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا”.

خامسا، هناك نوع من العبادة الطَرَبيّة والوجدانيّة، بحيث يعمل الناس على بلوغ ذروة عاطفية وشبه حالات إغماء، كما لو كانت العبادة تتضمن معنى تحقيق حالة الخروج من العالم وإتمام إتصال باطني بالله. يُعَلِّم الكتاب المقدس أن الترتيل يجب أن يتم بمصاحبة الفهم “فَمَا هُوَ إِذاً؟ أُصَلِّي بِالرُّوحِ وَأُصَلِّي بِالذِّهْنِ أَيْضاً. أُرَتِّلُ بِالرُّوحِ وَأُرَتِّلُ بِالذِّهْنِ أَيْضاً”.

سادسا، هناك نوع من العبادة السطحية، حيث يُنْزَل بمستوى التراتيل إلى كلمات مُتكَرِّرة لا تتضمن إلا القليل من الأفكار البسيطة، في حين أن سفر المزامير يقدم نماذج لتراتيل العبادة التي تتضَمَّن مواضيع عميقة تُمجِّد الله.

العبادة المجيدة

هذه الإنحرافات والتشويهات غزت أساليب العبادة على مدى الأربعين السنة الماضية. هي من شأنها أن تدمر الكنائس وتُقَلِّل من إحترام الرب. إن واجبنا تدريب الناس على حب العبادة ذات الصفات النبيلة والمجيدة. إستعمل يسوع كلمة “والحق” مِمّا يعني أن العبادة الصحيحة يجب أن تكون مُكوّنة من عاطفة ذكية صادرة عن منطق وعقل. وتعبير “بالروح” يعني أن العبادة ليست فقط طقوس وإحتفالات وتعبيرات جسمانيّة. الكثير من أساليب العبادة الذي أصبح شائعاً اليوم بعيد عن هذه التعاريف والمعايير العظيمة التي نص عليها الكتاب المقدس. إنها ليست عبادة حَقّة، لكنها عبارة عن خليط من المُتعة والعاطفة المُنغمسة في الذات.

العبادة السامية

العبادة هي كلمات، سواء عن طريق القول، أو الغناء، أو الفكر. العبادة عمليّة واعية. العبادة ليست إختبار النشوة غير المألوفة مع إغلاق منطق العقل. الخدام الذين يقودون العبادة الصحيحة عليهم أن يحرصوا على موافقتها للأُسس الكتابية أثناء الخدمة الكنسية وأثناء الصلاة، وفي الترتيل، وفي الموعظة. هذه الأسس هي رَهْبة، مهابة، تَوّقير، شكر، فرح، توبة، تأكيد الحقيقة، تَعَلُّم، تفاني في الطاعة. على العابدين أن يُعلنوا المبدأ الروحي الذي يقول “يَنْبَغِي أَنَّ ذَلِكَ يَزِيدُ وَأَنِّي أَنَا أَنْقُصُ”. عليهم الإبتعاد عن إظهار الذات الباطل، وتجنب الإستعراضات، والمداخلات العديمة الجدوى، والطيش. يجب أن يمتلكوا إستشعار بقيمة المناسبة، والتصرف بما يتوافق مع مستوى حضرة ملك الملوك.

العبادة الجَدْيَّة

تكون العبادة مثالية اذا إستولى خلالها الإحساس على الحاضرين بأنه وقت إمتياز، رهبة، وذهول. المُتعة هي سِمة رئيسية له، لكن المُتعة يجب ألا تكون عند وجود العابد في جو من الرهبة، وألا تصاحب العابد وقت التوبة الجدي. يجب أن تكون في جو من الخضوع والتَضَرُّع. بالإضافة لذلك، على العابدون تجنب الثرثرة والأحاديث الجانبية.  

العبادة الحقَّة هي ما يتمتع به الله، ما يأمر به، وما يستحقّه. في نفس الوقت هذه العبادة تُنتج مسيحيين متواضعين، وغير أنانيين يخضعون كُلّيًا إلى الله في حب وتقدير عميق له.