“لِتَكُنْ سِيرَتُكُمْ خَالِيَةً مِنْ مَحَبَّةِ الْمَالِ (الشّهوة). كُونُوا مُكْتَفِينَ بِمَا عِنْدَكُمْ، لأَنَّهُ قَالَ: لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ” (عبرانيّين 13 :5)
كيف تختبرنا كلمة الله! لن تجد في الأدب العلماني أيّ كتابٍ كالكتاب المقدّس يَصِفُ ببساطةٍ أعمق عيوب القلب، ويتتبّع “جذور” خطايا البشر. سبَقَ أنْ لاحظنا أنّه وَجَبَ أن تُصاغ تلك الوصايا بعبارات سلبيّة لأنّنا جنس متمرّد على الله، ووَجبَ أيضًا أن تظهر بشكل مختلف كونها الأساس للدّينونة، وتشجّعنا على ملاحظة مدى حاجتنا للنّعمة. إنّما يجدر بنا أيضًا أن نبحث عن الفضائل الإيجابيّة المعاكسة، والّتي هي في حالة الوصية العاشرة: – الرّضا، التعقّل، التّواضع وضبط النّفس. إذا نظرنا إلى الوصيّة بشكل مختلف، انطلاقًا من أنّ الشهوة هي الشّوق للحصول على مصالح شخصيّة ودنيويّة، فالصّفة المعاكسة هي خَلْقُ قلبٍ جديدٍ تشغَلُه مصلحة الرّب، واحتياجات الآخرين.
أن تشتهي هو أن تتوق إلى أشياء، وتضع عليها قلبك. يمتلئ العقل البشري بالأحلام والمخطّطات والأوهام، وهي “أساساتٌ” يرتكز عليها النّاس ليكونوا سعداء، ويستمرّوا في الحياة. إذا لم يركّزوا عقولهم على الأشياء المرغوب بها فإنّهم يُصابون باليأس والإحباط. إنّ الشّهوة هي نبض الحياة الرّئيسي في سباق البشر الخطاة. والوصيّة العاشرة تغطي كلًّا من السعي الجاهد في سبيل رغبةٍ ما، وأيضًا الشّكل المخفّف من الشهوة، الّذي هو الحَسَد والغَيْرة ممّن لهم ممتلكات أكثر ومصالح أكبر في الحياة.*
الاشتهاء هو تركيز العقل على أشياء مثل العقارات، والممتلكات، والنّجاح، والتّقدير، والمكانة والشّهرة والمجد والمركز، والمظهر الشّخصي، أو على أهداف محظورة بوضوح مثل “زوجة قريبك”. إنّ الأشياء السّابقة ليست محظورة أخلاقيًّا، ولكن الشّهوة تخصّص القلب للأحلام والتّخطيط للحصول على أشياء دنيويّة في هذه الحياة، وفي هذا العالم الحاضر، بحثًا عن درجة معيّنة من السّعادة والشّبع. كلّ هذا يسيء إلى الرّب الّذي جعلنا تاج خليقته، وأهّلنا لمعرفته. في سعينا وراء شهوتنا، يرانا الرّبّ نذلّ أنفسنا طلبًا للشّبع المادّي؛ نجوع ونعطش فقط للأشياء الّتي نفعلها بالجسد – المال واللّباس، والمنزل الراقي، والسّيّارة الفخمة، والوظيفة المرموقة، والأشياء الباهظة الثّمن، وغيرها الكثير من الأشياء الأخرى، وقد وضعنا الرّبّ فعليًّا في المرتبة الثّانية كمصدر للشّبع والسّعادة. نقول إنّنا نحبه، ولكنّ محبّتنا ليست قويّة ومشبعة كفاية.
ثماني نتائج للشّهوة
1. تستحوذُ على القلب
إنّ الشّهوة تسيء بشكل خاصّ إلى الله لأنّها تستحوذ على القلب، وترفع مستوى الرّغبات والمشاعر. فالشّهوة كفيضان مياه النّهر حين يفيض بسيله الجارف خارج الضّفاف، ويندفع في كلّ اتجاه بعد أن فَقَدَ كلّ انضباط. فمياه الفيضان لا تُحَيِّدُ حديقةً جميلةً وتختار الالتفاف حولها رغبةً بالحفاظ عليها، بل تندفع بلا رحمة أو تمييز لتغمرها وتدمّرها. إنّ الحلم بالأشياء الماديّة يُنْشِئُ قلبًا يجري سريعًا وراء الاحتياجات والمطامع والرّغبات ممّا يفقده فرحه بأمور الله، ويطفئ فيه روح التّضحية والخدمة.
في مثل الزارع تحدّثَ الرّب عن أولئك الذين خنقتهم هموم هذا العالم والغنى وشهوات سائر الأشياء، وانتزعت منهم كلمة الله، فأصبحوا غير قادرين على إظهار توبة وثمر روحيّيْن. قد يتأثّر الناس بالإنجيل ويشعرون بمدى غرور الحياة بعيدًا عن الله وبالحاجة إلى رحمته وغفرانه، إلّا أنّ “شَوْك” الشّهوة يستطيع أن يخنق هذه المشاعر في غضون ساعات.
بالنّسبة للمؤمنين أيضًا، يمكن للشّهوة أن تقضيَ على كلّ اهتمام روحي، وهذا ما تؤكّده كلمات الرّب: “لا تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَال(مامون)”. كلّ مؤمن يظنّ أنّه من الممكن ضبط الرّغبة في الممتلكات والشّهرة والمجد ونيل الإعجاب والنّجاح الدنيوي والرّاحة والمتعة الأرضيّة المفرطة، فإنه لم يتعلّم الدّرس الأساسي للطّبيعة البشريّة – وهو أنّ مامون يسيطر دائمًا. يكفي أن نسرد بعض الأمثلة من تجربتنا الشّخصيّة لنكتشف صحّة ذلك. بمجرد أن نسلّم عقولنا وخيالنا للأحلام بالأهداف الماديّة، نفقدُ كلّ اهتمام بالأمور الرّوحية، وتتبخّر كلّ طاقة عاطفيّة وحماسة للقيام بنشاطات روحيّة هامّة في حياتنا.
2. تُضْعِفُ وتُقَسِّي
تشبه الشّهوة نوعًا من السّرطان العنيف الّذي يسحق ضحاياه سريعًا، أو فيروسًا قاتلاً يَفْتكُ بالشّخص السّليم والقوي. والأسوأ من ذلك، أنّ الشّهوة لا تُضْعِفُ الإنسان فحسب، بل تقسّيه أيضًا كما تُبَيِّنُ لنا الوصيّة العاشرة. لاحظْ كيف يتمّ التّعبير عن الوصيّة: “لا تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ”. نجد هنا اتّهامًا مضاعفًا، وهو أنّ الشهوة لا تتردّد في حرمان الآخر من حقوقه، وإذا تملّكت فإنّها تؤدّي أيضًا إلى كسر الوصيّة السّابعة. فالمشتهي الّذي يقع تحت سلطان “الرّغبة”، قد يصل إلى حالةٍ من فقدان الحسّ العامّ، ومن اللّامبالاة الأخلاقيّة لدرجة سرقة زوجة الآخر. بمجرّد أن نستسلم للشّهوة، يصبح الزّملاء أو المعارف أو الأصدقاء أو الأقارب هدف غيرتنا واستيائنا، لدرجة أننا لا نتردّد في أخذ كلّ ما نريد منهم لو سُنحَت لنا الفرصة.
الشّهوة تحوّل أنظار المؤمن من التّركيز على خير “القريب” للتّركيز على ممتلكاته وامتيازاته. بعد الوقوع في فخ الشّهوة يتقسّى المرء، فتضعف قدرته على إقامة صداقة حقيقيّة ومودّة غير أنانيّة، إذ يمثّل الجميع بالنسبة له هدفًا يتحدّاه ويدعوه لمقارنة نفسه به. عندئذٍ لا يعود المؤمن قادرًا على إنشاء علاقات مع الآخرين بدون أن يلاحظ بيوتهم وممتلكاتهم ودَخْلهم وفُرَصهم. فيسأل في سرّه: “هل أتمتّع أنا بما يتمتّعون به؟ لماذا يجدر بهم أن يكونوا أفضل بكثير في نواحٍ مختلفة؟”
3. إنّها عبادة
يكره الله الشّهوة لأنّها تحطّ من قَدْر النّاس – وحتّى من قدر شعبه. إنّها تحوّل المؤمن إلى عبدٍ لبيته؛ فيصغر في عينيْ الله ويصبح مثيرًا للشفقة. إنّ الله خلَقَنا على صورته، ولكنّنا انحدرنا بأنفسنا إلى مستوى أدنى في الحياة، وأغلقنا على الأهداف الروحيّة العليا، وأصبح ما يحرّكنا أساسًا هو الأشياء الأرضيّة العابرة، وانشغَلنا بأمور تافهة. يجدر بنا أن نتوقّع من الرّب أن يكره الشّهوة تحديدًا لأنّها عبادة – وهذا مصطلح معبّر عن الشّوق القوي للأشياء الماديّة الّذي يداخله نوع من الارتباط الرّوحي بها، كما لو كنّا سنشعر بالتّعاسة بدونها. ساعات طويلة من التّخطيط العقلي تُكرَّس لتحقيق أهداف ماديّة وشراء ممتلكات، وعندما تتحقّق أخيرًا، تُعزَّز، وتُعرَض، وتُحفَظ بقوّة.
4. إنّها مُعدِية
هناك جانب آخر مخيف في الشّهوة وهو طبيعتها المُعْدِيَة. إنّها مصنّفة على الأرجح كالنّميمة كونها من الخطايا الأكثر تفشّيًا الّتي تصيب الكنيسة. بمجرّد أنّ يجد تدليل النّفس والفرح بالممتلكات والكماليّات الباهظة الثّمن والمميّزة مكانًا بين إخوة الكنيسة وينال استحسانهم، حتّى يقضي سريعًا على كلّ التزام قلبي وأمانة حقيقيّة. يلاحظ حديثو الإيمان مدى اعتماد المؤمنين النّاضجين على وسائل الرّاحة والكماليّات الدنيويّة الّتي يمتلكونها، ممّا يلوّث ضمائرهم سريعًا. فالقوّة المدمّرة للقدوة لا تُلاحظ في أيّ مكان كما في شهوة مسيحيّين كثيرين.
لا شكّ أنّ العهد الجديد يصنّف الشّهوة على أنّها موازية للوثنيّة، ولكن في الإنجيليّة الحديثة فإنّه نادرًا ما تُعتبَر خطيّة. أحيانًا أوّل رجل تفكّر الكنيسة في تنصيبه شيخًا أو قائدًا هو صاحب أفخم منزل وأفضل سيارة. يُفترض بالمؤمنين في الحياة العامّة أو في عالم التّرفيه أن يعيشوا نمط حياة عالمي وغني، دون التّخلي عن تصفيق العديد من المجلّات المسيحيّة.
5. إنّها متنامية وتسبّب الإدمان
هناك سبب آخر مخيف في الشّهوة وهو أنّها متنامية وتقود بقوّة إلى الإدمان. يزرع الشّيطان في عقل المؤمن فكرة أنّ هناك ممتلكات أو مراكز معيّنة تجلب شبعًا كبيرًا، وبالتّالي، من الأفضل تكريس الكثير من الوقت والطّاقة للحصول عليها. عندئذٍ يتحوّل الهدف المنشود إلى قوّة محفّزة وموضوع رئيسي لأفكارنا وأحلامنا. لكن بمجرّد أن يتحقّق الهدف، سرعان ما نعتاد عليه، ونعود إلى حالة عدم الرضا والفراغ من جديد. يصبح السّبيل الوحيد للخروج من هذه الحالة هو التّركيز على هدفٍ آخر واعدٍ ومُغْرٍ يلهمنا ويحفّزنا، وبذلك ندخل في دوّامة مستمرّة من الإدمان، ويصبح المؤمن تحت رحمة شهيّته، كالرّيشة في مهب الريح، يدفعها عدد لا يُحصى من الشّهوات الحمقاء الّتي لا يمكن أن تشبع طويلاً.
6. إنّها خطيّة “غير مرئيّة”
أضِفْ إلى ذلك أنّ الشّهوة تتزعّم الخطايا غير المرئيّة – إنّها غير مرئيّة للجاني. في رومية 7: 7، عندما ناقش الرّسول بولس فكرة أنّه بدون ناموس لن ندرك حجم خطايانا، اختار الشّهوة كمثال بارز عن “التّخفّي”. فقد كتبَ قائلاً: “فَإِنَّنِي لَمْ أَعْرِفِ الشَّهْوَةَ لَوْ لَمْ يَقُلِ النَّامُوسُ «لاَ تَشْتَهِ»”. نستنتج من هنا، أنّها المثال الرّئيسي عن الخطايا غير المرئيّة. إنّ لهذه الخطيّة قدرة على إخفاء نفسها حتّى بالكاد يستطيع الجاني أن يدرك أنّها تعدٍّ. أحد الأسباب لذلك هو أنّ الشّهوة هي الخطيّة الأكثر تبريرًا لنفسها، لأنّنا انطلاقًا من خبرتنا نستطيع أن نوجد تبريرًا منطقيًّا لكلّ ما نريد، فنقول “إنّها بالتّأكيد مفيدة، إضافةً إلى أنّها ضروريّة جدًّا، سوف تكون مناسبة للشّهادة، إنّها مكسب”. وهكذا سرعان ما يصبح الكمالي ضرورةً. إنّ الشّهوة خطيّة ماكرة جدًّا، إذ تستطيع بطريقة عملها أن تخدع الضّمير وتعطّله.
7. إنّها جذر الارتداد
تخبرنا 2 تيموثاوس 3 :1-2 قائلةً: “وَلَكِنِ اعْلَمْ هَذَا أَنَّهُ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ سَتَأْتِي أَزْمِنَةٌ صَعْبَةٌ، لأَنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ، مُحِبِّينَ لِلْمَالِ (شهوانيّين) …” من بين ثلاثة عشر صفة للمجتمع المرتدّ، يُدْرِجُ الرّسول بولس، في المرتبة الثّانية خطيّة الشّهوة. نحن بالتأكيد نعيش الآن في أزمنة صعبة أو خطيرة عقائديًّا حيث يدّعي كثيرون أنّهم مؤمنون بالكتاب المقدّس، ولكنّهم يرمون جانبًا المعايير القديمة للإيمان ويساومون مع العالم والخطيّة. كيف لنا أن نصنّف الضّعف البارز للعديد من القادة الإنجيليّين الّذين أفسحوا المجال لدخول الموسيقى وطرق العالم إلى حياة الكنيسة؟ يتصدّر القائمة الّتي قدّمها الرّسول بولس محبّة النّفس والشّهوة.
بمجرد أن يبدأ القادة بالقلق على أمْنهم وقبولهم وتقدّمهم ورفاههم وممتلكاتهم، فإنّهم سيكفّون عن الوقوف بثبات على معايير الكلمة، مقدّمين الدّبلوماسية على الأمانة، والسّلام على الطّهارة، والتّنوّع على طريق الله الضّيّق. في اللّحظة الّتي يخدم فيها خادم الله رغباته وشهواته من راحةٍ وأمانٍ ومركزٍ وممتلكات، سرعان ما تأخذ هذه الأمور حيّزًا كبيرًا في حياته وتجعله يتخلّى عن الدّفاع الطرق القديمة، وهكذا تتحكّم به عدم الأمانة مرّةً أخرى وتبدّل آراءه حول الحصول على الامتيازات المادّيّة والاحتفاظ بها. هذا هو الفخ الذي نَصَبَهُ الشّيطان للعديد من الخدّام غير الحريصين عبر التاريخ الطّويل للكنائس الكتابيّة. إذا كنّا غير أمناء في الأمور الماديّة في الحياة – مامون (المال) – سنكون بالتأكيد غير أمناء في التّعامل مع الثّروات الحقيقيّة. في 1 تيموثاوس 3: 3 يعلّمنا الرّسول بولس أنّه لا يجدر أبدًا تنصيب شيخ (بما في ذلك واعظ) محبّ للمال، ويتمّ تطبيق نفس المعيار على الشمامسة. على قادة الكنيسة أن يكونوا مكتفين بما قَسَمَهُ الله لهم، وأن يهتمّوا باحتياجات الآخرين وتحدّياتهم، وليس باحتياجات أنفسهم وكسبهم المادّي الخاصّ.
إنّ العلاقة بين الرّغبة الطّموحة والانهيار العقائدي في الجماعة يتمّ تناوله في 2 تيموثاوس 4: 3-4، حيث يقول الرّسول بولس: ” لأَنَّهُ سَيَكُونُ وَقْتٌ لاَ يَحْتَمِلُونَ فِيهِ التَّعْلِيمَ الصَّحِيحَ، بَلْ حَسَبَ شَهَوَاتِهِمُ الْخَاصَّةِ يَجْمَعُونَ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ… فَيَصْرِفُونَ مَسَامِعَهُمْ عَنِ الْحَقِّ”. الكلمة هنا تُرجمت شهوات وتعني – أشواقًا أو رغبات قويّة. وتقول الآية إنّ الجماعات سوف تدعو الرّاعي الذي يسمح لهم أن يفعلوا ويمتلكوا ما يريدون – رجل مثل هذا نادرًا ما يناشدهم أو يعاتبهم أو يواجههم بأسلوب حياة البذخ والرّاحة. نلاحظ ذلك في العديد من الكنائس اليوم، حيث يُسمَح للنّاس أن يعيشوا لتحقيق ذواتهم، ويحبّوا التّرفيه وأسلوب العالم، وفي الوقت نفسه يمدحهم الرّاعي على المنبر ويدفعهم للاعتقاد بأنّهم تلاميذ موالين للمسيح. مثل هؤلاء لا يستطيعون احتمال التّعليم الصّحيح، الذي يشتمل على كلّ مشورة الله ويختبر قلب المؤمنين وسلوكهم، لذلك يختارون وعّاظًا لا يعترضون على خطاياهم. وقد أصبحت الطريقة التّالية مضمونة لبناء جماعة كبيرة في أنحاء كثيرة من العالم: عِظْ عن العقائد النّظريّة للكتاب المقدس – وحتّى عن عقائد النّعمة المجيدة – بهدف تملّق أذهان السّامعين وتوسيع آفاقهم، واهتمّ بعدم توبيخهم أبدًا على شهواتهم، ولا على أيٍّ من مظاهرها.
8. قد تؤدي إلى “الطّرد من الكنيسة“
نلاحظ مدى خطورة الشّهوة في العديد من التّحذيرات القويّة، مثل 1 كورنثوس 5: 11 حيث يخبرنا الرسول بولس أنّها قد تضمن الطّرد من كنائس المسيح. فقد كتب قائلاً: “وَأَمَّا الآنَ فَكَتَبْتُ إِلَيْكُمْ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ مَدْعُوٌّ أَخًا زَانِيًا أَوْ طَمَّاعًا أَوْ عَابِدَ وَثَنٍ أَوْ شَتَّامًا أَوْ سِكِّيرًا أَوْ خَاطِفًا أَنْ لاَ تُخَالِطُوا وَلاَ تُؤَاكِلُوا مِثْلَ هَذَا”. الكلمة اليونانية هنا تشير إلى شخص حريص على الكسب؛ يطمع دائمًا بالمزيد. قد يكون شوقه للمال والممتلكات، أو قد تكون له رغبة في الحصول على مركزٍ ما، أو سلطة ما أو تقدير. واضح أنّ الكتاب المقدس فَكَّرَ بحالة جِدِّيّة ومستمرّة من التّأديب الصّارم.
في 1 كورنثوس 6 :10 يؤكّد الرّسول بولس على هذه الحالة في الكلمات التّالية: “وَلاَ سَارِقُونَ وَلاَ طَمَّاعُونَ وَلاَ سِكِّيرُونَ وَلاَ شَتَّامُونَ وَلاَ خَاطِفُونَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ”. ويكرّر تحذيرًا مماثلاً في أفسس 5:5 حيث يعلن صراحةً أنّ الرّجل الطّمّاع هو عابد أوثان، ولا مكانَ له في ملكوت المسيح. ربّما نحتاج إلى أن نخاف من شهوتنا.
نرى من خلال كلمات الرسول بولس في 1 تيموثاوس 6: 9-10 أنّ هناك حاجة لعزل الجاني عن الإخوة كونه حالة خطيرة، إذ يقول: ” وَأَمَّا الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ فَيَسْقُطُونَ فِي تَجْرِبَةٍ وَفَخٍّ وَشَهَوَاتٍ كَثِيرَةٍ غَبِيَّةٍ وَمُضِرَّةٍ تُغَرِّقُ النَّاسَ فِي الْعَطَبِ وَالْهَلاَكِ، لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ”.